زراعة القمح والسكر والزيتون في سورية ماقبل الأزمة وبعدها:
الزراعة في سوريا ما قبل الأزمة:
قبل النزاع في سوريا في عام 2011، كانت الزراعة تشكل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، حيث كانت توفر جزءًا كبيرًا من احتياجات السكان من الغذاء، إلى جانب كونها مصدرًا هامًا للصادرات حيث كانت سورية تعد من البلدان المكتفية ذاتيا من الإنتاج الزراعي، بما في ذلك القمح والزيتون والسكر ويغطي معظم الاحتياجات المحلية، وكانت سوريا تُعتبر من أكبر منتجي بعض هذه المحاصيل في المنطقة العربية
تأثير الحرب على إنتاج السكر
في السابق، كانت سوريا تعتمد على زراعة قصب السكر في منطقة سهل الغاب، وتزرع البنجر في مناطق أخرى مثل دير الزورفي منطقة الجزيرة السورية، مما كان يسمح بتوفير ما يصل إلى 600 ألف طن سنويًا. لكن مع بداية الحرب في عام 2011، تعرضت مزارع السكر في عدة مناطق للقصف والتخريب ، مما أثر بشكل بالغ على الإنتاج. نتيجة لهذه الظروف و تزايد الاعتماد على استيراد السكر وخصوصا من البرازيل التي تعتبر المصدر الأول في العالم لسد العجز في الأسواق المحلية، ليبقى القطاع بعيدًا عن مستويات الإنتاج السابقة.
زراعة الزيتون وتأثيرات النزاع
كانت سوريا تُعتبر من أبرز منتجي زيت الزيتون في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت تُزرع أشجار الزيتون في جميع مناطق سورية وخاصة مثل حماة وإدلب وحلب. هذا القطاع لم يقتصر فقط على تلبية احتياجات السوق المحلي بل كان يشمل صادرات كبيرة إلى الخارج وكان زيت الزىتون السوري الافضل والألذ عالميا وذو صيت قوي وخاصة الزيت العفريني. لكن مع اشتداد النزاع، تعرضت مزارع الزيتون للهجوم والقطع والحرق، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المساحات المزروعة. هذه الظروف، بالإضافة إلى النزوح المتزايد، أسهمت في تراجع الإنتاج وزيادة التحديات أمام المزارعين، مع استمرار تأثير الأوضاع الأمنية على الأسواق المحلية والدولية.
تأثر إنتاج القمح بالأزمة السورية
القمح هو أحد المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، حيث كانت المناطق الشمالية والشرقية خصيصا في المناطق التي تقع على ضفاف نهر الفرات حيث تُنتج كميات كبيرة تلبي احتياجات البلاد وأيضًا تُصدّر جزءًا منها إلى الخارج. لكن النزاع أدّى إلى تدمير الأراضي الزراعية في هذه المناطق، بالإضافة إلى استهداف صوامع القمح وتعرضها للنهب والسرق والتخريب، مما جعل البلاد تعتمد على استيراد القمح لتلبية احتياجاتها. هذه الأزمة أظهرت هشاشة الأمن الغذائي في البلاد، وزادت من صعوبة تأمين الاحتياجات المحلية.
القطاع الزراعي في سوريا اليوم
اليوم، يواجه قطاع الزراعة في سوريا تحديات جمة نتيجة للأزمة المستمرة. رغم الجهود الحكومية للحد من تأثير الحرب على الزراعة، مثل دعم الفلاحين في بعض المناطق، إلا أن التحديات الأمنية والاقتصادية مستمرة. هناك ارتفاع كبير في تكاليف الإنتاج، ونقص في المواد الأساسية مثل الأسمدة، مما يجعل قدرة المزارعين على إنتاج المحاصيل الأساسية كالقمح في تراجع مستمر ومنهاالسكر الذي تو٤ف إنتاجه نهائيا.
الآفاق المستقبلية للزراعة السورية
في المستقبل، يتطلب تعافي قطاع الزراعة في سوريا استقرارًا سياسيًا وأمنيًا مستدامًا، بالإضافة إلى إعادة بناء البنية التحتية الزراعية التي دُمّرت خلال الحرب. من الضروري أيضًا دعم الفلاحين عبر توفير التمويل الكافي والتكنولوجيا الحديثة لتحسين الإنتاج. إذا تم تحقيق ذلك، يمكن لسوريا أن تستعيد قدرتها على تلبية احتياجاتها الغذائية من المحاصيل الاستراتيجية مثل السكر والزيت والقمح، مما سيسهم في استقرار الاقتصاد المحلي على المدى الطويل ويمكن أن يتعافى مع عودة المهجرين بسرعة قياسية
تعليقات
إرسال تعليق